استعجل رئيس الحكومة نواف سلام المراحل وبادر الى إعلان خطوة جديدة في ملفّ حصرية السـلـاح، عبر الانتقال الى منطقة شمال الليطاني مطلع العام الجديد.
في خضمّ الظرف الصعب الذي يعيشه اللبنانيون عامة والجنوبيون خاصة جراء التهـ..ـديدات “الاسرائيلية” اليومية الثابتة، قرّر سلام أن يصبّ تركيزه على شمال الليطاني. كذلك فعلت أصواتٌ كثيرة في الداخل مُتسلّحة بعبارة وردت في نصّ وقف إطلاق النار.
في مطالعةٍ قانونية دقيقة، يُقدّم المُتخصّص في الشؤون القانونية الدكتور عمر نشابة عبر موقع “العهـ.د” الإخباري إيضاحات تتعلّق بواجبات كلا الطرفيْن المعنييْن باتفاق 2024، لا يجب إغفالها عند التشديد على تطبيقه بحذافيره.
في مقدّمة ما يُفترض أن تهتمّ به الحكومة وأن تجهد من أجل تنفيذه هو إجبار الـ..ـعـ.ـدو على الالتزام بكلّ فقرات الاتفاق المؤلّف من 13 بندًا، وليس التركيز على عبارة تفكيك السـلـاح بدءًا من منطقة جنوب الليطاني.
بحسب نشابة، الـ..ـعـ.ـدو تمادى في خرقه مواد الاتفاق لا بل يُهمل فقرات بأكملها، ويتصرّف بانتقائية معها، يختار ما يناسبه ويريد أن يلزم لبنان بما يختاره.
يُبيّن نشابة أنه “في بداية الاتفاق هناك إشارة الى الاعتراف بأن القرار ينصّ على التنفيذ الكامل للقرارات السابقة لمجلس الأمن 1559- 242 – 338 – 1515، وهي أهمّ قرارات تتعلّق بإطار السلام الذي وضعته الأمم المتحدة، أي الانسحاب من الجولان المحتـ.ـل والضفة الغربية وقطـ.ـاع غـ..ـزة ومن القدس الشرقية وعودة اللاجئين وإقامة دولة فلسـ.ـطينية”، ويقول إن “اتفاق وقف إطلاق النار مُرتبط ويستند بشكل أساسي الى قرار مجلس الأمن 1701، الذي يفترض العودة الى القرارات ذات الصلة التي تتعلّق بالسلام في الشرق الأوسط كما يُسمّيه المسؤولون الأمميون”.
وفق نشابة، الفقرة الثانية من الاتفاق تقول “ابتداءً من الساعة 4 فجرًا بتوقيت شرق أوروبا في 27 تشرين الثاني/نوفمبر 2024، الحكومة اللبنانية وحــ.ـزب الله وجميع القوى المسلّحة يُمنعون من تنفيذ عــ..ــمليات ضدّ “اسرائيل” وهذا ما حصل حرفيًا، فيما لم تحترم “اسرائيل” ولم تلتزم بالجزء المرتبط بها هنا، أي عدم تنفيذ أيّة عــ..ــمليات عسـ.ـكرية هـ..ـجومية ضدّ أهداف لبنانية، بما في ذلك الأهداف المدنية والعسـ.ـكرية أو أيّة أهداف أخرى تابعة للدولة في أراضي لبنان سواء برًّا أو بحرًا أو جوًا.
يؤكد نشابة أن “”الاسرائيلي” خرق أيضًا البند الثاني باستمرار استـ..ـهداف الناس في المناطق السكنية والمدنية فضلًا عن إقدامه على خطف مدنيين بعد سريان وقف إطلاق النار”، ويُشير الى أنه “استمرّ كذلك بالأعمال العدائية في كلّ المراحل بعد تشرين الثاني 2024، وتجاهل الفقرة 8 من الاتفاق التي تنصّ على دعم القوات المسلـ.ـحة اللبنانية على نحو ملائم لتحقيق قدرتها على الانتشار جنوب لبنان”.
بناءً على ما ورد في الفقرة 12 التي تنصّ على أنه عند بدء وقف الأعمال العدائية وفقًا للفقرة 1 (وقف إطلاق النار من الساعة 4 فجرًا) ستسحب “اسرائيل” قواتها بشكل تدريجي من جنوب الخطّ الأزرق، يلفت نشابة الى أن “لجنة مراقبة الاتفاق لم تضغط على “اسرائيل” لحملها على سحب قواتها من جنوب الخطّ الأزرق، ولا سيّما بعدما بنَت قواعد عسـ.ـكرية وجدرانًا إسمنتية داخل الأراضي اللبنانية وحصّنتها في خطوة لا تُفسّر سوى أنها تريد البقاء لفترة طويلة في الجنوب اللبناني”، ويسأل “أين الخطة التي تلحظها الفقرة 12 أيضًا، أيْ آلية التنسيق لتنفيذ خطة مفصّلة للانسحاب التدريجي ضمن مهلة لا تتجاوز 60 يومًا؟”.
نشابة يوضح أن “الفقرة الأخيرة تقول إن الالتزامات في الاتفاق تهـ.ـدف الى تمكين المدنيين على جانبي الخطّ الأزرق للعودة بأمان الى بيوتهم، وهنا يظهر بشكل لا لبس فيه كيف أن الـ..ـعـ.ـدو خرق الفقرة واستهـ.ـدف الآليات وورش الإعمار، والمدنيين، والمسؤولين في البلديات والعمال ومديري المدارس، والفلاحين ورعاة الماشية والصيادين، ومنع الأهالي من العودة الى قراهم، فيما لم يُشكّل لبنان خطرًا على عودة المستـ.ـوطنين الى شمال فلسـ.ـطين المحتـ.ـلة”.
برأي نشابة، على السلطة اليوم أن تركن الى الدستور اللبناني الذي يتفوّق على كلّ الاتفاقيات، خاصة أن المادة 2 منه تُلزم الدولة وكلّ من فيها بعدم التنازل عن أيّ جزء من الأراضي اللبنانية.
ويسأل “كيف نُبرم اتفاقًا مع جهة لا تحترم أيّ قانون وتتحدّى الهيئات الدولية والمحاكم الدولية وتتواصل مع الأمريكيين لفرض عقوبات على قُضاة دوليين اذا حاولوا محاسبتها على جــ..ــرائم ارتكبها؟”.
ويُشدّد على أن الاتفاق ملحق بالقرار 1701، ويضيف “هو إعلان عن وقف إطلاق النار ويتضمّن بنودًا، بحضور الأمريكي والفرنسي، غير أن الأمريكي حاول التنصّل ولم يقدّم ضمانات للجانب اللبناني بإلزام الـ..ـعـ.ـدو وقف أعماله العدائية”.
وحتى لا يستمرّ مسلسل الانبطاح الرسمي أمام الـ..ـعـ.ـدو، ينصح نشابة من هم في سدّة المسؤولية في لبنان بأن “يقولوا لسنا مستعدّين لاستكمال النقاش مع الطرفين الأمريكي والفرنسي، ولا “الاسرائيلي” إلّا اذا التزم الأخير بالحدّ الأدنى وتوقف عن قـ..ـتل الناس”.
الجهد الرسمي يجب أن يوجّه نحو إلزام “اسرائيل” بوقف اعتـ.ـداءاتها وتطبيق كلّ ما ورد في الاتفاق، ولا سيّما أن لبنان لم يرمِ حجرًا على “اسرائيل” طيلة هذه المدة، بحسب نشابة.
وبتقديره، ملفّ الأســ..ـرى اللبنانيين يُعتبر أكبر خرق واضح للاتفاق، إذ خُطف عددٌ كبير منهم بعد إعلان وقف إطلاق النار.
ويخلص نشابة الى أن الانتقائية لدى بعض الجهات في لبنان لا تعكس مسؤولية، والواجب احترام كلّ مواد الاتفاق وليس مادة واحدة بعينها، فلا تجزئة مع القانون والقرارات الدولية.