في مشهد يعكس بوضوح جوهر المشروع الصهـ..ـيوني القائم على التوسّع والفرض بالقوّة، جاءت تصريحات وزير الحر ب في كيان الاحـ.ـتلال “الإســـ.ـرائــيـلي” يسرائيل كاتس لتكشف ما تحاول حكومة الـعـ.ـدوّ إخفاءه خلف خطاب سياسي متقلّب ومراوغ.
بين قاعة بلدية القدس المحـ.ـتلة ومستـ.ـوطنة بيت إيل في الضفّة الغربية، أطلق كاتس مواقف تؤكد أن غزّة، كما الضفّة، ليستا خارج حسابات التهويد والاستيطان، وأنّ ما جرى تسويقه عن انسحابات أو التزامات دولية لا يعدو كونه تكتيكًا ظرفيًا سرعان ما يتبدّد عند أول فرصة.
تصريحات كاتس التي تعهّد فيها بعدم مغادرة قطـ.ـاع غزّة والدعوة إلى إعادة توطين شماله، كانت حلقة جديدة في سلسلة أطماع توسعية تضرب عرض الحائط بتعهدات رئيس حكومة الـعـ.ـدوّ بنيامين نتنياهو، وبما أُعلن عن خطط أميركية يقودها الرئيس دونالد ترامب.
ورغم التراجع الشكلي الذي أعقب الضغوط، فإن جوهر الخطاب بقي ثابتًا: الاحـ.ـتلال ماضٍ في فرض وقائع جديدة على الأرض، مستندًا إلى فائض القوّة العسـ..ـكرية ودعم اليمين المتطرّف الذي يمثله وزراء مثل بتسلئيل سمـ.ــوتريتش.
من هنا، تتكشّف حقيقة السياسة “الإســـ.ـرائــيـلية”، حيث تمتدّ يد الـعـ.ـدوان من غزّة إلى الضفّة، ويتكامل الاستيطان مع الحر ب، في محاولة لنسف أي أفق سياسي، وتكريس السيادة بالقوّة خيارًا وحيدًا لدى حكومة لا ترى في الجغرافيا الفلسـ.ـطينية سوى مساحة مفتوحة للضم والتهويد.
أبو الغزلان: غزّة ولبنان امتداد للعقلية التوسّعية “الإســـ.ـرائــيـلية”
في قراءة شاملة لتصريحات كاتس، أكّد القيادي في حركة الجــ.ـهاد الإسلا مي هيثم أبو الغزلان لموقع “الـ.ـعـ.ـهد” الإخباري، أنّ هذه المواقف لا يمكن فصلها عن السياق الداخلي “الإســـ.ـرائــيـلي” وأزمة القرار داخل حكومة الاحـ.ـتلال، ولا عن المسار التوسّعي البنيوي الذي يحكم سلوك الـ.ـكــ..ـيان في فلسـ.ـطين والمنطقة.
وأوضح أبو الغزلان أنّ تصريحات كاتس لا ترقى إلى مستوى إعلان سياسة رسمية بقدر ما تشكّل خطابًا موجّهًا لجمهور اليمين المتطرّف، في محاولة لطمأنته بأن الحر ب على غزّة قد تُترجم مكاسب سياسية وجغرافية، وليس فقط نتائج ردعية.
وأضاف أنّ هذا الخطاب يعكس تناقضًا واضحًا داخل الحكومة بين التزامات نتنياهو بعدم العودة إلى الاستيطان، والضغوط المتصاعدة من قوى يمينية ترى في الحر ب فرصة لإعادة طرح مشروع الاستيطان في غزّة.
وحول لبنان، رأى أبو الغزلان أنّ الخطاب “الإســـ.ـرائــيـلي” يعكس توجّهًا لفرض منطق الردع بالقوّة والتموضع المستمر، من خلال الضغط العسـ..ـكري ومحاولات تعديل قواعد الاشتباك، دون السعي إلى حـ.ــرب شاملة في المدى القريب.
وأضاف أنّ الاحـ.ـتلال ينظر إلى الجنوب اللبناني كجبهة استباقية مرتبطة بساحة غزّة، في إطار قلقه من فشل الحسم وصعوبة إدارة الصراع، ما يدفعه إلى سياسة “الاحتواء القاسي” بدل المـ..ـواجهة المفتوحة.
وأشار أبو الغزلان إلى أنّ الدعوات إلى إعادة الاستيطان في غزّة تكشف عقلية توسعية لا ترى في غزّة أو جنوب لبنان ملفات مغلقة، بل ساحات قابلة لإعادة التعريف وفق موازين القوّة، ويعاد إنتاج منطق “المناطق العازلة” والعمق الأمني الذي سبق أن قاد إلى احـ.ـتلال جنوب لبنان.
وأكد أنّ استمرار هذا النهج سيحوّل الصراع من سياسي-عسـ..ـكري إلى مـ..ـواجهة وجودية مفتوحة وطويلة الأمد، حيث تصبح الأرض والهوية في صلب الاشتباك، وتتحوّل المستـ.ـوطنات إلى أهداف عسـ..ـكرية مباشرة، ما يُبقي جيش الاحـ.ـتلال في حالة استنزاف دائم ويقضي على فرص التهدئة أو التسويات المرحلية.
وشدّد أبو الغزلان على أنّ قوى المـقـاومة يجب أن تتعامل مع هذا التحول بمنهج إستراتيجي شامل، يقوم على فضح المشروع التوسعي سياسيًا وإعلاميًا، وتثبيت معادلات الردع، وتنسيق الساحات لمنع تحويل التصريحات إلى وقائع مفروضة على الأرض.
وأوضح أن الرسالة الموجّهة لشعوب المنطقة هي أنّ الصراع على الأرض والهوية ما زال مفتوحًا، ويتطلّب يقظة دائمة وإعدادًا مستمرًا لإفشال أي مشروع توسّعي جديد.
وأكد أبو الغزلان أنّ أي تصـ..ـعيد على الأراضي اللبنانية أو التهـ..ـديدات المتكرّرة ليست أحداثًا منفصلة، بل جزء من إستراتيجية “إســـ.ـرائــيـلية” أوسع لإدارة الساحات مع الحفاظ على فائض القوّة والضغط المستمر، مع الإبقاء على لبنان تحت مراقبة مستمرة دون الانزلاق إلى حـ.ــرب شاملة في المدى القريب.
الخطيب: الاحـ.ـتلال يسعى إلى نصـ.ــر وهمي على المستوى الإقليمي
بدوره، رأى المختص بالشأن الفلسـ.ـطيني – الصهـ..ـيوني تيسير الخطيب أنّ مواقف كاتس تأتي في إطار البحث المحموم عن “إنجاز سياسي” فشل الـ.ـكــ..ـيان في تحقيقه عبر الحر ب، وتعكس عمق الأزمة البنيوية التي يعيشها المشروع الصهـ..ـيوني.
وأوضح الخطيب أنّ العقلية الصهـ..ـيونية تعتبر الاستيطان أحد أهم مؤشرات الإنجاز على الأرض، سواء في الضفّة الغربية أو غزّة، وأن إعادة طرح فكرة الاستيطان اليوم لا تأتي بدافع الحاجة الاستيطانية بحد ذاتها، بل كمحاولة لتعويض الفشل السياسي والعسـ..ـكري للحـ.ــرب، بعد عجز الاحـ.ـتلال عن تحقيق أي هـ.ـدف سياسي حقيقي.
وأشار إلى أنّ الـعـ.ـدو، وعلى الرغم من كلّ أساليب الإجرام التي مارسها في فلسـ.ـطين ولبنان وساحات أخرى، لم يتمكّن من إنهاء المـقـاومة، ولا من كسر إرادة الشعوب أو فرض التهجير، ما دفعه إلى البحث عن نصـ.ــر سياسي وهمي عبر الخطاب الاستيطاني.
وأكد الخطيب أنّ تصريحات كاتس تكشف طبيعة الأزمة التاريخية التي يعيشها المشروع الصهـ..ـيوني منذ نشأته: أزمة داخلية وخارجية، وعجز بنيوي عن تحقيق نصـ.ــر حاسم رغم التفوق العسـ..ـكري.
ولفت إلى أنّ الحديث عن إعادة الاستيطان لا يعدو كونه تصريحات إعلامية للاستهلاك الداخلي، وأنّ قدرة الاحـ.ـتلال على فرض وقائع جديدة على الأرض شبه مستحيلة في ظل موازين القوّة الحالية واستمرار فعل المـقـاومة.
ولفت الخطيب إلى البعد الإقليمي للخطاب، مشيرًا إلى أنّ العقيدة التي تحكم المؤسسة العسـ..ـكرية والأمنية والسياسية في الـ.ـكــ..ـيان تعتبر الشرق الأوسط مجالًا حيويًا للسيطرة، عبر الضغط على الدول المحيطة والقـ.ـضاء على قوى المـقـاومة.
وأكد أنّ جوهر المشكلة بالنسبة للاحـ.ـتلال هو بقاء المـقـاومة وقدرتها على توجيه ضربات إستراتيجية، رغم كلّ الخسائر، وهو العامل الأساس الذي يقف حائلًا أمام الهيمنة “الإســـ.ـرائــيـلية”.
وشدّد كذلك على أنّ محاولات فرض السيطرة عبر اتفاقيات أمنية واسعة أو علاقات اقتصادية وتأثير سياسي محكوم عليها بالفشل؛ لأن شعوب المنطقة، وحتّى بعض الأنظمة التي راهنت سابقًا على التسويات، بدأت تدرك أن هذا الـ.ـكــ..ـيان يشكّل خطرًا وجوديًا على الجميع.
بالتالي فإنّ المـقـاومة في فلسـ.ـطين ولبنان واليمن وصمود الجمهورية الإسلا مية تُفهم اليوم كخطوط دفاع إستراتيجية عن العالمين العربي والإسلا مي، ضدّ خطر يمتد من شمال إفريقيا إلى عمق غرب آسيا.
وأشار الخطيب إلى تحولات لافتة في الرأي العام الغربي، لا سيما في الولايات المتحدة الأميركية ودول الاتحاد الأوروبي، حيث تتزايد الأسئلة حول طبيعة هذا الـ.ـكــ..ـيان ودوره وهيمنته على القرار السياسي الغربي.
ولفت الخطيب إلى أنّ أي محاولة للتسويات في الداخل اللبناني، سواء من بعض التيارات السياسية أو مجموعات محلية، تعتبر خارج المنطق الواقعي، لأنها تهـ.ـدف إلى تقديم الـعـ.ـدوّ على أنه طرف “دفاعي”، فيما الواقع يظهر أنّ “إســـ.ـرائــيـل” تتصرف وفق عقيدة توسعية وإستراتيجية عسـ..ـكرية وأمنية تستهـ.ـدف المنطقة ككل.
وأشار الخطيب إلى أنّ المـقـاومة في لبنان تشكّل اليوم خط الدفاع الأول عن العالم العربي والإسلا مي، وأنّ أي تقصير في مـ..ـواجهة محاولات الاحـ.ـتلال الاستباقية في الجنوب اللبناني سيضع المنطقة كلها تحت تهديد مباشر.
وأكد أنّ التصـ..ـعيد “الإســـ.ـرائــيـلي” ضدّ لبنان مرتبط بالسياسة التوسعية نفسها التي تطاول غزّة، وأنّ الهـ.ـدف من هذه السياسات هو منع توحّد المـقـاومة وترابطها عبر الحدود، ما يجعل لبنان عنصـ.ــرًا أساسيًا في إستراتيجية الضغط المتزامن لـ”إســـ.ـرائــيـل