جعجع لـ رئيس الجمهورية: انتقد كل الأحزاب إلا “القوات”

0

عُلم بحسب مصادر رفيعة، أن واحدة من أبرز عقد العلاقة بين رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع ورئيس الجمهورية العماد جوزيف عون، تتصل بموقف الأخير المبدئي من الأحزاب السياسية، وهو موقف لا ينسجم مع حسابات جعجع ولا يخدم مشروعه السياسي.
فالرئيس عون، القادم من خلفية غير حزبية ومن صلب المؤسسة العسكرية، يصرّ على تقديم نفسه كرئيس مستقل لا ينتمي إلى أي تجربة حزبية، ولا يخفي نقده للأحزاب التي هيمنت على الحياة السياسية وأدارت لبنان نحو الانهيار. هذا الخطاب، بحسب مصادر متابعة، يزعج جعجع إلى حدّ كبير، كونه يضرب جوهر السردية التي تحاول القوات اللبنانية تسويقها عن نفسها كحزب “مختلف” و”نظيف” وخارج المنظومة.

وتشير المصادر إلى أن جعجع يتعامل بانتقائية واضحة مع مسألة نقد الأحزاب، إذ لا يعترض على مهاجمة الأحزاب عموماً، بل على إدراج “القوات” ضمن هذا النقد. وفي مجالسه، يسعى جعجع إلى فرض معادلة مفادها أن انتقاد كل الأحزاب مسموح، إلا “القوات”، وكأنها حالة استثنائية لا تنطبق عليها قواعد المحاسبة السياسية.

غير أن هذا المنطق، وفق مراقبين، يصطدم بالواقع، إذ إن القوات اللبنانية كانت شريكاً أساسياً في حكومات متعاقبة، وشاركت في السلطة والتعيينات والتشريعات، ولا يمكنها التنصّل من مسؤولية جماعية عن المسار الذي وصلت إليه الدولة. كما أن محاولة جعجع تصوير الحزب كضحية لخطاب رئيس الجمهورية، تبدو محاولة لحماية رصيده الشعبي أكثر منها دفاعاً عن مبدأ العمل الحزبي.

ويرى متابعون أن خوف جعجع الحقيقي لا ينبع من موقف مبدئي للرئيس عون، بل من تأثير هذا الخطاب على الرأي العام، وخصوصاً على شريحة اللبنانيين التي باتت تنظر إلى الأحزاب، بلا استثناء، كجزء من المشكلة لا الحل. وفي هذا السياق، يشكّل حضور رئيس جمهورية مستقل وغير حزبي تهديداً مباشراً لخطاب “القوات” القائم على تلميع الذات والتمييز المصطنع عن باقي القوى السياسية.

وبينما يواصل رئيس الجمهورية التشديد على استقلالية موقع الرئاسة عن الحسابات الحزبية، يبدو أن جعجع سيجد صعوبة متزايدة في إقناع اللبنانيين بأن “القوات” تقف خارج دائرة النقد والمساءلة، في بلد بات فيه الغضب الشعبي أوسع من أن يُفصَّل على قياس حزب واحد.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.