الأمة على خطى نصر الله في عرقلة مشروع إسرائيل الكبرى – بقلم حسن مزرعاني
في ظل التطورات الأخيرة التي شهدتها منطقة الشرق الأوسط، وعلى وجه الخصوص حادثة اغتيال السيد “نصر الله”، تبدّل المشهد الإقليمي بشكل جذري، حيث أعادت هذه الواقعة تشكيل التحالفات والمفاوضات، سواء العلنية منها أو تلك التي تُدار خلف الكواليس، مع دولة الاحتلال الإسرائيلي.
وفي الوقت الذي تروّج فيه الولايات المتحدة لزياراتها الدبلوماسية إلى المنطقة تحت شعار “السلام”، تمضي إسرائيل في انتهاكاتها الوقحة، مستهدفةً السيادات العربية دون رادع، في مشهد يومي يعيشه المواطن العربي بقلق بالغ على أمن واستقرار وطنه، متطلّعًا إلى وحدة الموقف العربي في مواجهة هذا العدو الذي يثبت يومًا بعد يوم أن السلام معه غير ممكن، حتى مع الدول التي طبّعت العلاقات أو وقّعت اتفاقيات تعاون.
حادثة قصف العاصمة القطرية الدوحة ليست ببعيدة، فقد شنّت قوات الاحتلال، في تمام الساعة الثالثة من بعد ظهر يوم الثلاثاء الموافق التاسع من أيلول، غارات صاروخية عنيفة استهدفت قادة حركة حماس المتواجدين في قطر، إلا أن العملية باءت بالفشل. وفي تصريح عبر القناة 12 العبرية، أعلن رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو أن أي دولة، سواء كانت في حالة عداء أو سلام مع إسرائيل، وتستضيف وفودًا عسكرية أو دبلوماسية تابعة لحماس، ستُقصف دون تردد.
أما عن علاقة “نصر الله” بهذه التطورات، فإن اغتياله في السابع والعشرين من أيلول الماضي شكّل نقطة تحول مفصلية، إذ ترى إسرائيل أن غياب هذا القائد الشرس أزال التهديد الحقيقي الذي كان يُجسّده، فالمقاومة في نظرها لم تكن في السلاح، بل في شخص نصر الله نفسه.
ومنذ ذلك الحين، كثّفت قوات الاحتلال خروقاتها في لبنان، دون أن تواجه أي رد يُذكر من الدولة اللبنانية، التي اكتفت بالإدانة، رغم تعهدها سابقًا بأن تكون هي “المقاومة الحقيقية” بعد وقف إطلاق النار، لا حزب الله.
المشروع الإسرائيلي الأكبر: “إسرائيل الكبرى”
بعد اغتيال نصر الله، بدأت المؤشرات الإسرائيلية تشير إلى تقدم في مشروع “إسرائيل الكبرى”، الذي لطالما كان يواجه عقبة وجوده. وفي هذا السياق، صرّح الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، خلال لقائه في نيويورك، بلهجة حادة قائلاً: “نتنياهو مجرم، وقادة الكيان يتبجّحون بخريطة ما يُسمّى بـ’إسرائيل الكبرى’، ما يكشف نواياهم في فرض السيطرة بالقوة والبطش”، مؤكدًا أن “الكيان لم يعد يكتفي بمسار التطبيع، بل يسعى لفرض منطقه بالقوة”.
مصير سلاح حزب الله والضغوط الدولية على لبنان
في ظل الضغوط المتزايدة على الحكومة اللبنانية لتطبيق قانون حصرية السلاح، الذي ظلّ طيّ الكتمان خلال عهد نصر الله، لم يصدر عن المقاومة الإسلامية أي رد، ولم تُطلق رشقات صاروخية من الجنوب اللبناني، رغم استمرار إسرائيل في ارتكاب الجرائم بحق المدنيين، لا سيما الأطفال، تحت ذريعة استهداف عناصر حزب الله.
تدّعي إسرائيل أن لها الحق في قصف أي دولة بحجة مكافحة الإرهاب، بينما هي في الواقع مصدر الإرهاب والوحشية. لقد كان نصر الله مدركًا لهذه النوايا منذ تأسيس دولة الاحتلال، وما حذّر منه بالأمس نراه يتحقق اليوم: إسرائيل لا تسعى إلى السلام، بل إلى السيطرة على الأرض والثروات.