صراع الموارنة على الجنّة

الكاتب زياد العسل • ٢٧ أغسطس ٢٠٢٣

يلتقط سياسيُّ مارونيّ من جارة الوادي زحلة فنجان قهوته، ويجيبنا قبل ارتشاف قهوته المُطعمة بالأسى،في معرض السؤال عن استحقاق رئاسة الجمهورية :
"جماعتنا عم يتقاتلوا عجثّة هامدة".بهذه العبارات يصف محدّثنا المخضرم في العمل السياسي صراع موارنة لبنان على كرسي بعبدا، بعد أن هزلت جرّاء الاخذ والرّد بشأنها، واستجداء الفرنسي والأميركي والرفقاء في جزر القمر على حدّ وصفه، حيث أن لا شيء "بيحرز"، لكلّ هذا الغضب والصّراع لاجله، ويضيف قائلًا: " إذا كانوا جميعًا يقرّون بأن ما من صلاحيّات عند الرّئيس المقبل بعد الطّائف، فلماذا يحدث كل هذا الضّجيج، فالنّاس اليوم والمسيحيين منهم يعنيهم اموالهم في المصارف والدواء والنّقل، وهم ينتظرون الفرصة الأولى لمغادرة الجمهورية غير آبهين بمن يحكمها بعد كلّ هذا الويل، حتّى لو كانت ناديا الجندي وفق حديثه.


يرى السياسي البقاعي أن الموارنة لم يتعلّموا من دروس التّاريخ، بل انهم يمعنون في القتال "كالدّيوك الشّراوية"، على جثّة هامدة لا مال ولا بشر فيها، فهل يرعوي ذوي الألباب منهم، أم أن الأنانية أضحت اقوى من انين الجياع والفقراء والكادحين، الذين يذوقون صليب القهر اليوم، على أمل انتظار الخلاص بعد هذه الدرب من الجلجلة.


اذا كانت الجنّة هي حلم كلّ بني البشر وإذا كان الفرح الوجودي هو اسمى ما تسعى له الروح، فلا شكّ أن كرسي بعبدا ليست أكثر من ذلك طمأنينةً ولذّةً، لكي تقع مذابحٌ يومية تصل حدّ " تطليع الموارنة بالورب ببعضهم"، في مناسبات عزاء وافراح، وحتّى موعد مجيء الرّفيق جان ايف لودريان من امّنا الحنون، يبقى الرّجاء من خالق الكون أن يلهم هذا الشّعب الصّبر والسّلوان، ريثما تنزل الملائكة على أرواح ملائكةِ السّياسة وقدّيسوها، وبالتّاكيد شياطينها.