هي الأصل في الوجود، فلا وجود لذكر من دونها، ولا وجود لعالم ولا متعلم ولا أكبر ولا أصغر من ذلك، ولا استمرارية لمجتمع من دون أنثى. فلا إنسان يولد ولا نسلٌ لذكر يحمل نسبه دون أنثى، إلا إذا شاء الله خلاف ذلك، وهو القادر على كلّ شيء، فكما خلق آدم من العدم يستطيع أن يخلق غيره من العدم أيضًا لو أراد بكلمة كن فيكون، لكن سبحانه الحكيم العليم له حكمته في خلقه، وفي كلّ شيء، فلقد أراد الله لحواء، وللنساء عمومًا، الوجود في هذه الحياة إلى جانب آدم، والرجال عمومًا وأكرمهمنّ وأعطاهنّ ما لم يعطيه لغيرهنّ، فليس الذكر كالأنثى.
أوكل الخالق للأنثى مهمّة الإنجاب تشريفًا وتكريمًا لها وجعل فيها العاطفة كما أثبت علميًا عندها أقوى من الرجل لتمارس كامل أمومتها في تربية أولادها من ذكور وإناث وتغدق عليهم من العاطفة ما يشبع حاجاتهم الإنسانيّة من العطف والحنان في سبيل تكوين شخصية طبيعية سليمة، وعلى هذا هنيئًا للأم أن يقال فيها أن الجنة تحت أقدام الأمهات. الأنثى التي تنجب ذكورًا كثيرًا وإناثًا يحملون اسم والدهم الذكر، فيكون له إناثًا يدخلنه الجنّة إن أحسن تربيتهن مصداقًا لحديث الرسول صلى الله عليه وآله وسلم " من عال ثلاث بنات أو ثلاث أخوات وجبت له الجنة" أو أن يكون له ذكورًا فيتزوجون إناثًا يحملون نسبه ويكونوا له صدقة جارية إن كنّ من أهل الخير والصلاح في المجتمع. بينما أوكل للرجل بما تفضل به الله عليه من قدرات جسدية مهمّة الإنفاق على الأنثى وحفظ أمنها وأمن المجتمع الإنساني الذي لا يكون دون أنثى مصداق للآية الكريمة "الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ..." الّتي تعطي الرجال الأفضيلة في الإنفاق والإعتناء بها وبشؤونها وفق ما تقتضيه مصلحتها.
ليس الذكر كالأنثى بيولوجيًا وفي الأدوار والمهام الموكلة إليهم، فكما أن الحر ليس كالبرد، والشمس ليس كالقمر، والأوكسيجين ليس كثاني أوكسيد الكربون، إلخ.. إلا أن لكل الموجودات والمخلوقات دورها ومهمتها وأهميتها والمساواة بين أي منها غير منطقي والحاجة لكل منها لما تحمله من أهمية وجودية ضرورية في الحياة تجعل المقارنة بين مخلوقين مختلفين بيولوجيا أو في تركيبتهما غير صحيح على الإطلاق. وبالعودة إلى الحديث عن الذكر والأنثى، فلا الرجال أهم من النساء ولا النساء أهم من الرجال في شيء إنما لكل منهما دور يؤديه، خلقوا لأجله، وكل منهما أوكل إليه مهمات خلقت معه منذ أن خلق.
أمّا المطالبة بالعدالة بين الأنثى والذكر في الأمور الإنسانيّة المشتركة بين الجنسين كالعيش بحياة كريمة وتحصيل العلم ودخول ميدان العمل بما يمتلكونه من مهارات مهنية وتحصيلات علمية وكفاءات يُستفاد منها في المجتمع الإنساني، فهو أمر ضروري، ومطلوب، وواجب، ومهم لخير وصلاح الإنسانية والمجتمعات البشرية.
ومن العدل الإلهي أن الله قال في القرآن الكريم " أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَىٰ.." ولم يفرق أبدّا بين الذكر والأنثى حين قال " إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا" وحين أمر الجنسين بالعفة والاستعفتق بالآية الكريمة "قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَٰلِكَ أَزْكَىٰ لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ * وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ .." وتجلى العدل الإلهي أيضًا بين الذكر والأنثى في الآية الكريمة "﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ﴾.
في دلالة قاطعة بأن الرجل ليس بأهم من المرأة ولا العكس إنما الأتقى (الذي يعمل الصالحات ويحسن السريرة ويمتلك الفطرة السليمة) هو الأهم سواء أكان رجلاً أم إمرأة.